رد: صوت نهر في الجنة في إذنك
تعتبر الأذن الباطنة المستقبل للأصوات ، والأذن الوسطى والخارجية الجهاز الناقل للاصوات ، وأما كيف يتم الإيصال والاستقبال ، فقد كشف الطب اللثام عن أسراره .. يعتبر انتقال الصوت نتيجة اهتزاز جزيئات المادة ، ولذا فإن الصوت لا ينتقل ما لم يكن هناك وسط مادي ( هواء ، سائل ، غازات ، أجسام صلبة ) ، الصوت له سرعة معينة ثابتة هي [340] متر في الثانية الواحدة ، ولذا فإن تفريغ وعاء مغلق من الهواء يضعف من انتقال الصوت ، وإعادة ملئه بالهواء يعيد قوة الصوت وسماعه مرة أخرى ، ويختلف حسب اختلاف كثافة المادة فهو في الماء أسرع من الهواء ، حيث تبلغ سرعته [ 1435 متر في الثانية ] في الدرجة 8 أي أكبر من سرعة انتقال الصوت في الهواء بأربع مرات ، وهذا الرقم يتضخم أكثر في الانتقال في الأوساط الصلبة ، فوضع الاذن على سكة القطار يجعلنا نسمع صوت قدومه من بعد عدة كيلومترات (1) .
ونظراً لأن نقل الصوت يعتمد على الأذن الخارجية ، والأذن الوسطى ، ولذلك فإن تصميم هذا الجهاز يجب أن يتناسق بمنتهى الدقة مع خاصية النقل ، ولذلك فإننا نرى الاذن الخارجية تتألف من مادة غضروفية وهي من ناحية المتانة وسط ما بين اللحم والعظم ، وفيها تعاريج والتواءات لجمع الصوت ، فهي كالصيوان المستقبل ، ومن الصيوان ينتقل الصوت عبر ممر يبلغ طوله 5 و2 سم ، ومقوس إلى الاسفل ، حيث ينتهي بغشاء مرن جداً
____________
(1) نظراً لأن انتقال الصوت يتم عن طريق اهتزاز جزئيات المادة ، ولذلك فهو يكون أكثر سرعة كلما تكاثفت جزئيات المادة ، وهكذا فهو أسرع في الماء من الهواء وأسرع في المعادن من الماء والهواء ، كما أن ارتفاع درجة الحرارة يزيد من زيادة سرعته ، فلقد وجد أن الصوت تزداد سرعته بمعدل 60 سم | ثانية مع ارتفاع درجة واحدة مئوية .
--------------------------------------------------------------------------------
( 194 )
هو غشاء الطبل هذا المجرى ينقل الصوت بأمانة كما يحتوي على الشعر في القسم الأمامي لاصطياد ذرات الغبار ، وغدد صملاخية تفرز مادة الصملاخ لتقوم بنفس الدرر .
إن انحناء المجرى مهم في موضوع الحماية إذا دخل فيه شيء لأن الطريق المستقيم سهل ، أما المتعرج فانه يجعل الإصابة لا تأتي مباشرة على غشاء الطبل ، وبالتالي الأذن الوسطى وعيمات السمع . كما أن نفس تكوين الأذن من الخارج مصممة بشكل يحمي فوهة المجرى ، فهناك قطعة لحمية صغيرة تظلل فوهة المجرى وهي ما تسمى بالحنطة ومقابلها على صيوان الاذن توجد قطعة أخرى لحماية تسمى بمقابل الحنطة ، وهكذا تتوفر حماية المدخل بالتعرج والشعر والغدد الصملاخية والقطع اللحمية في فوهة المجرى ...
إن اهتزاز غشاء الطبل يعني هز عظيمات السمع الثلاث لأن كل عظم متعلق بالآخر ومتمفصل معه بشكل فني ، والعظم الأول الذي يتصل بغشاء الطبل هو عظم المطرقة ، والعظم الذي يتصل بالأذن الباطنة هو عظم الركابة ، وبينهما عظم السندان ، ومجموع العظيمات الثلاث تبلغ في وزنها (55) ملغرام فقط ، ولذا فهي خفيفة وتتجاوب مع الاهتزاز ، وأما التمفصل بين العظيمات فهو في منتهى الروعة لأن أدنى صوت ، أو حفيف أو قرقعة ، أو همس ، أو كلمة معناه اهتزاز غشاء الطبل واهتزاز العظيمات التي تنقل الاهتزاز بدورها إلى الأذن الباطنة .
والعجيب أن أوساط الأذن تناسب نقل الصوت تماماً وهي الهواء في المجرى ، والأجسام الصلبة في الأذن الوسطى المتمثلة بعظيمات السمع ، والأجسام الصلبة والسوائل في داخل الأذن الباطنة المتمثلة في الرمال السمعية ، والبلغم الداخلي والخارجي ، تقوم عظيمات السمع بتسريع مرور
--------------------------------------------------------------------------------
( 195 )
الصوت إلى الأذن الباطنه ، كما أنها تضخم الصوت أيضاً ، فسطح غشاء الطبل يبلغ (20) ضعفاً لسطح قاعدة عظم الركابة ، ولقد وجد أن الصوت يزداد عشرة أضعاف حينما يصل إلى قاعدة الركابة ، واهتزاز عظم الركابة يمثل أعجب مفصل يمكن تصوره فهو يمكن أن يهتز بشكل مختلف من حين لآخر ، خاصة إذا قارنا هذا المفصل بمفصل الركبة مثلاً الذي يتحرك باتجاه واحد ، لا أكثر مع شيء من التدوير ، ولكن المفصل هنا يتحرك وفقاً للصوت أو الاهتزاز الذي يصل إليه من غشاء الطبل ، وقاعدة عظم الركابة تستند إلى نافذة بيضية الشكل ، مستورة بغشاء ، وعندما تهتز قاعدة عظم الركابة فانها تهز معها هذا الغشاء ، وهذا بدوره يخض اللنف الداخلي المحيطي بشكل يتواق مع طبيعة لحن الصوت وشدته ، ولكن ماذا يحدث فيما إذا كانت الأصوات القادمة شديدة ؟ لقد وجد أن هذا العظم الصغير يحور اتجاه تمفصله بحيث يبقى محافظاً على نقل الصوت إلى الأذن الباطنة على شكل يقيها من الأذى إلى حد ما ، وأما العضلتان ، أي عضلة المطرقة وعضلة الركابة ، فإن الأولى تسعي لإدخال عظم الركابة اكثر إلى داخل النافذة البيضية ، وعضلة الركابة تفعل بالعكس ، وهكذا يحدث الاتزان بتقلص العضلتين معاً . وحسب الحالة والصوت يشتد تقلص إحداهما على الأخرى ، وإذا اشتد الصوت أكثر فإن كلاً من العضلتين يخفف من حدة التأثير على الأذن الباطنة ... بقي علينا أن نعرف في الأذن الوسطى عمل نفير أوستاش ، فهذا النفق الذي يمتد ما بين البلعوم في عمق الفم وما بين الأذن الوسطى ، يقوم بتعديل الضغط بين داخل الأذن الوسطى وخارجها ، خاصة وغشاء الطبل يسد الفوهة سداً محكماً ، ولعلنا نشعر بدور هذا النفير في الرشح والتعرض للبرد ، وأحياناً أثناء ركوب السيارة والسير لمدة طويلة ، فاننا نشعر أن السمع تناقص عندنا ، وبشيء من الألم الخفيف
--------------------------------------------------------------------------------
( 196 )
ولكن ما أن تحدث عملية البلع أو التثاؤب حتى نشعر كأن الأذن قد فتحت وبدأنا نسمع بشكل طبيعي ، إن السبب في هذا يرجع إلى أن عملية البلع تقلص عضلة خاصة تفتح بواسطتها فوهة النفير ويدخل الهواء ويتعادل الضغط ويرجع كل شيء إلى مجراه ، وإذا لم يتم هذا الأمر فقد يؤدي أحياناً إلى تمزق غشاء الطبل ، والنفير ايضاً يصرف المخاط والسوائل التي قد تتجمع في الأذن الوسطى إلى البلعوم ، كما يمثل فتحة جيدة لإتقان السمع كما في الآلة الموسيقية ، فالصوت يجود بواسطة الثقوب الموجودة فيها ، ولعل هذا أيضاً هو السر في أن الذين يرمون بالمدافع يبقون أفواههم مفتوحة أثناء انطلاق القذيفة ، وحصول الصوت المرتفع ، حيث يتأمن اتزان الضغط إلى حد ما بين خارج الأذن الوسطى وداخلها !! فيا أيها القارىء تأمل وانظر ، ألا يسوقك هذا إلى المزيد من معرفة الله ، والمزيد من الالتجاء اليه ( ففروا إلى الله إنني لكم منه نذير مبين . ولا تجعلوا مع الله إلهاً آخر إنني لكم منه نذير مبين ) سورة الذاريات .
ـ 3 ـ
إن الصوت يمثل حركة اهتزازية كما مر في الأوساط المادية ، وهذا الاهتزاز يتراوح بدرجات مختلفة ، والأذن الطبيعية تسمع الصوت فيما إذا كان مقدار اهتزاز الصوت يتراوح ما بين ( 16 ـ 20000 ) هزة في الثانية ، وإذا زاد الصوت عن هذا المقدار لم تعد تسمع شيئاً ، ولكن يحدث شعور مزعج غامض قد يصل إلى درجة إيذاء الأذن ، حتى إن هذه الطريقة تستعمل في مثل السمك حيث يرفع التواتر إلى درجة كبيرة كذلك فإن الأذن تسمع هذه الاهتزازات ولكن على شرط أن تكون شدتها معتدلة ، ولقد قدرت هذه للاذن الطبيعية في حدود (120) ديسبل
إقرو
|