كن مع توزو - رحلة وثائقية مع الكوبرا العربية - أول موضوع من نوعة حصرياً *

[سكر]

بسم الله الرحمن الرحيم

طالما خشي الناس من الثعابين بأنواعها, واستخدموها في الكثير من القصص والأساطير كرمز للشر والخطر, وتتجلى هذه النظرة في صناعة الأفلام خصوصاً الكوبرا التي توحي بمنظرها المخيف خطورتها ومدى وحشيتها وغدرها.
في الحقيقة قد تندهش عندما تتعرف على حياتها من وجهة نظرها هي, فهي تقبع في جحر بين الصخور وحيدة, ساكنه خائفة لعدة أيام, تغشاها الرطوبة وتشاكسها الحشرات الصغيرة وتقلق مضجعها.
تنتبه لأدنى حركة بجوارها فتجيش أعصابها وتوجهها نحو العدو المجهول خشية منه, فتعيش في قلق دائم مستمر, وتتضور جوعاً فلا تخرج إلا بعد تردد.
تبدأ في الخروج وهي تعلم جيداً ان كل من حولها يترصد بها وتدرك ان احتمالات عدم نجاتها عالية جداً, فأول الأعداء هي الطيور الجارحة, ثم القوارض الكبيرة كالقنفذ والشيهم, والزواحف الأخرى خصوصاً الثعابين الأكبر حجماً, ثم القطط والسنوريات بصفة عامة, والكلاب والذئاب الخ..
وليس هذا فقط, بل تخشى أن يتم جرحها سواء من الصخور والأشواك او من خلال مواجهه مع أحد الحيوانات, فقد تموت بسبب هجوم النمل على جرحها المدمى.
بإختصار هي منبوذة في مجتمع الحيوانات مضطهدة, ومحاربة أيضاً في مجتمع الإنسان مُتَرَبَصٌ بها أينما وجدت.
((((( عند بحثي ومتابعتي لماهو موجود في المنتديات وجدت اغلب المواضيع مجرد مقتطفات او تم استخدام صور من مواقع اخرى ولم أجد موضوع مقنع ومحلي تم استخدام كوبرا فعليّه فيه, وإن وجد فليس للكوبرا العربية منها نصيب كبير, لذلك قمت بنفسي باصطياد كوبرا عربية في محافظة بلجرشي – الباحة, جنوب المملكة العربية السعودية, طولها متر ونصف, وتربيتها في بيئة مناسبة وتصويرها أثناء الأكل وتصوير تغيير جلدها ومراقبة سلوكها لأخرج لكم بهذا الموضوع الشيق الحصري والأول من نوعه, المليء بالمغامرة والخطورة, فكل مافي هذا الموضوع من صور ومقاطع هي من تصويري للكوبرا التي اصطدتها, أتمنى أن تعم الفائدة للجميع ويحوز على رضاكم واستمتاعكم في هذه الرحلة)))))

الكوبرا العربية:

يطلق اسم الكوبرا على بعض الأنواع من الثعابين السامة, والمميزة بقلنسوتها الفريدة التي تظهر عند فردها لرقبتها حين تشعر بالتهديد, مع اصدار صوت فحيح لتخويف العدو الذي تواجهه, ورفعها للثلث الأمامي من جسمها.
الكوبرا العربية ثعبان مميز وجميل, ولكنه خجول في حياته, يتجنب البشر والضجة إلا إذا أجبر على ذلك بسبب البحث عن الغذاء, وهو ثعبان نشط نهاراً, خصوصاً في المناخ المشمس الدافئ.
يعيش في المناطق الجبلية والزراعية خصوصاً في جبال السروات في المملكة العربية السعودية وفي عدة بلدان اخرى, ويبلغ طولها مابين النصف متر إلى المترين, تميزها خصوصية اللون حيث يصطبغ الرأس والذيل باللون الأسود ثم يتدرج السواد ويبدأ في الإختفاء لحين ظهور أحد الألوان الثلاثة, اللون الأصفر أو البُنّي المحروق أو الأسود الباهت المائل للبياض.

التصنيف العلمي للكوبرا العربية:

اسمها الشائع الكوبرا العربية Cobra arabic وبصفة عامة تندرج تحت الصل.
وتحت الصل تندرج فئات الكوبرا بانواعها ومنها الكوبرا المصرية, واسمها الشائع Egyptiancobra اما اسمها العلمي Naja haje
والتي تندرج تحت اسمها ثلاث فصائل من الكوبرا المعروفة وهي:

الكوبرا المصرية الاسم العلمي Naja haje
والكوبرا المغربية واسمها العلمي Naja legionis
والكوبرا العربية واسمها العلمي Naja Arabica

النوعين الاول والثاني ليلية المعيشة, اما العربية فهي نهارية المعيشة, ولها ثلاثة الوان كما ذكرنا الأصفر والبُنّي والأسود.
وقد اصطدت اللونين الأصفر وكذلك البُنّي وقمت بتربيتها, وللإطلاع على فيديو لي قديم للكوبرا العربية ذات اللون البُنّي شاهد المقطع التالي:

مع الإشارة إلى أنه يوجد فصيلتين لم أتطرق لهما لأنه تم اعادة تصنيفهما حديثاً كفصائل مستقلة.

سلوك الكوبرا العربية:

للكوبرا مبدأ واضح, وهو أن سمّها غالي جداً بالنسبة لها, فلا تضيعه سدا إلا إذا اضطرت على ذلك, فعندما تهاجم الفريسة فهي تلدغها ثم تتبع اثرها إلى أن يبدأ السم في التأثير وتموت الفريسة, أو تُشَلّ, عندها بكل هدوء وبطئ تلتهمها حتى تستقر في بداية ثلثها الأخير من جسمها.
أما عند استشعارها للخطر من قبل أي عدو, فهي لاتبدأ الهجوم ببساطة, بل تحاول الهرب أولاً وتتجنب المواجهة قدر الإمكان, وإذا لم تستطع وأجبرت على المواجهة فهي تفرد قلنسوتها كتحذير لتقول للمهاجم اتركني, فإذا تركه المهاجم سواء كان حيوان أو إنسان فإنها تنزل للأرض وتزحف في الاتجاه المعاكس بكل هدوء.
وإذا لم تستطع الخلاص من المهاجم, فإنها تُقيّم حالة العدو بعينيها وبلسانها, وتطلق صوت يسمى فحيح, مع تنفخ جسمها عبر سَحب كمية كبيرة من الهواء حتى توهم المشاهد أنها أكبر حجماً لتدخل الخوف في عدوها. انظر الفيديو

فإذا رأت حركات استفزازية من العدو فإنها تتمايل معه في مواجهته وتبدأ بالالتفاف بذيلها لترتكز عليه حتى تتمكن من تثبيت نفسها جيداً عندها تختار اللحظة المناسبة فتقفز برأسها على العدو وتباغته بلدغتها المؤلمة جداً. انظر الفيديو

ثم تستمر في الفحيح والفرد, فإذا استمر الاستفزاز فإنها ستستمر, وإذا ذهب المهاجم وهرب, فإنها تنسحب وهي متوترة جداً.
نادراً ما نجد الكوبرا تطبق فكيها على الفريسة أو العدو, واذا حدث ذلك, فإن له ضروف محددة, كأن يمسكها الانسان بيده ولا يتركها, أو يهاجمها ثعبان آخر ويمسك بها ايضاً, فهذا السلوك هو فقط عند يأسها وكأنها آخر محاولة تقوم بها قبل هلاكها. انظر الفيديو

سم الكوبرا:

يحتوي سم الكوبرا العربية على بروتينات وإنزيمات, وبه نوع من السموم العصبية, والسموم الدموية, تهاجم الجهاز العصبي, فتسبب الشلل وتعطل الوظائف الحيوية, ,وتحتوي على مكونات تعمل على منع تخثر الدم, فيصاب الملدوغ بالنزيف الحاد, ويقال أن كيلوبترا عندما انتحرت أنها استخدمت سم الكوبرا الفرعونية لعلمها أن سم الكوبرا سيقوم بشلّ جسمها ثم تلقى حتفها بدون ألم, وهذا غير صحيح فسم الكوبرا يهاجم القوة العصبية للأوتار والأعصاب الرئيسية والحبل الشوكي أولاً بهدف التسبب بالشلل وليس النهايات العصبية الخاصة بالإحساس الموجودة في الجلد والأطراف, لذلك فإن الإنسان سيعاني كثيراً قبل أن يموت, خصوصاً انها لاتفرز كميات كبيرة من السم كما في الصورة السابقة, فهذه الكمية هي كل ما استطعت فرزه منها, أما القوارض والحيوانات الصغيرة فإن كمية السم تلك بالنسبة لها عالية جداً لذلك تتأثر بسرعة وتهلك بأقل ألم ممكن.

وقد قمت بعمل تجربة بسيطة أنا وزملائي في أحد المراكز الصحية التي أعمل بها, حيث قمت بسحب كمية من السم واضافته على دم بشري سحبناه من أحد زملائي في العمل الذي تطوع خدمة لهذا المنتدى العريق وخدمة للعلم, وكانت النتيجة أن الدم لم يتجلط حتى بعد ساعتين من التجربة, مع ان الدم الطبيعي الغير مضاف اليه السم قد تجلط في وقت أقصر بكثير بطبيعة الحال.

ومن هذا نثبت أن سم الكوبرا العربية يختلف عن سم الأفعى المجلجلة, حيث سم الأفعى المجلجلة يعمل على تجلط الدم داخل الضحية, أما سم الكوبرا العربية فالعكس تماما, يعمل على سيولة الدم حتى تنفجر الشرايين ويصاب بالنزيف.

.

((( أنياب الكوبرا)))

للكوبرا أنياب مميزة وثابتة في مقدمة الفك العلوي, فهي من فصيلة الصلال من رتبة الزواحف, والمتمعن في موقع أنيابها يستنبط سلوكها, فهي تلدغ بسرعة وتحقن السم بسرعة أيضا, ويقول العرب في اللغة لدغ الثعبان, ونهشت الحية, فيطلق على عظة الثعبان وصف اللدغ, أي أنها لا تعظ وانما تغرس انيابها بسرعة مثل العقرب, مع العلم أنها لاتحتاج لفتح فكيها بشكل كبير عند اللدغ, وذلك لأن النابين يقبعان بطرف الفك العلوي من الجوانب, فيمكنها فقط تقليص حجم الفك السفلي ليظهر الناب من الفك العلوي.
يوجد لدى الكوبرا نابين ساميين, بارزين في الغالب, وكل ناب مجوّف كالإبرة, تتصل الأنياب بغدد السم الموجودة أعلاها بحيث تفرز السم بحركة إرادية وغير إرادية, فبمجرد الضغط على الأنياب فإنها تضغط على نهايات عصبية حساسة ترسل إشارات للغدد لعصر السم بقوة في الأنياب.
تختلف قوة الغدد بحسب نوع الكوبرا, فبعض أنواع الكوبرا مثل الكوبرا الهندية ذات النظارات تفرز السم بدرجة أقوى من الكوبرا العربية, إلى درجة أنها عند دفاعها عن نفسها فقط تطلق السم الذي يحتوي على أحماض وعصارات مختلفة من أنيابها على أعين المهاجم فتسبب العمى الفوري المؤقت اذا غسل فوراً, ولكنه سم مختلف في تكوينه عن سم الكوبرا العربية.
أما الكوبرا العربية فهي لا تطلق السم من بعيد, ولكنها تحقنه في جسم الضحية مباشرة.
ومن المثير للاهتمام أنه يوجد تحت كل ناب أساسي, ناب فرعي غير بارز, وإنما منطوي بشكل متوازي مع امتداد الفك العلوي داخل اخدود لحمي, لا يظهر إلا في حالة كسر أو تلف الناب الأساسي.
وكما أسلفنا فالناب الأساسي ثابت ولكن الناب الفرعي متحرك يقبع تحت غطاء لحمي خفيف.
عند خلع او كسر الناب الأساسي تبدأ الكوبرا في محاولة تحريك نابها الاحتياطي في عملية مؤلمة لها, ولكنها تستمر في المحاولة فينشق اللحم بسبب تحريك الناب إلى الخارج إلى أن يتحرر الناب المتحرك الاحتياطي ويصبح عمودي الهيئة, ثم يبدأ في فقد مرونته وتبدأ العضلة في الانكماش والتحجر ليصبح الناب مثل الأسنان ثابت في الفك العلوي, وينمو ناب احتياطي آخر بدلاً عن هذا.
وقد قمت بخلع أنياب الكوبرا ومتابعة هذه العملية.

يتبع...............

ــــــــــــــــــــــــ